–
22 مايو, 2018نشر فى: أخبار المركز
يواصل مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، متابعة اعترافات العائدين من تنظيم داعش، ومن تمّ القبض عليهم من أعضاء التنظيم، في أعقاب هزيمته في سوريا والعراق؛ بهدف فضح ما كان يقوم به التنظيم من أعمال إجرامية، وكشف اللِّثام عن ممارساته الوحشية.
وفي هذا الصدد، ألقت قوات الأمن في مدينة “هطاي” التركية في مطلع شهر مايو الجاري القبض على “حسن محمد” السوري الجنسية، الذي دخل إلى تركيا بطريقة غير قانونية، بعد أن حارب عدة سنوات مع تنظيم داعش الإرهابي، وخاض معه حروبًا في العديد من المدن المختلفة مثل: تل رفعت، وجرابلس، ودير الزور.
واعترف “حسن محمد” خلال التحقيقات التي أجريت معه، ونشرت بعض الصحف مقتطفات منها، بانضمامه إلى تنظيم داعش الإرهابي والقتال بين صفوفه، وأنه عندما انضم إلى التنظيم ظلّ شهرًا يُحقَّق معه تحقيقًا مُفصَّلًا من قِبَل التنظيم. وأضاف “حسن محمد”: أنه بعد انتهاء تحقيقات التنظيم معه، بدأ يتلقى تعليمًا دينيًّا وعسكريًّا على يد مُعلمين ومدربين من جنسيات مختلفة، وعقب تلقّيه التعليم العسكري وتدريبه على حمل السلاح، كانت المهمة الأولى التي قام بها ضمن صفوف التنظيم، هي المشاركة في محاصرة محيط المطار في مدينة “تل رفعت” السورية، بعدها ذهب إلى مدينة “إعزاز” مع مجموعة من المحاربين، وظَلّ بها أربعة أشهر بأوامر من التنظيم، ثم انتقل إلى مدينة “جرابلس” ومكث بها سبعة أشهر، بعدها انتقل إلى مدينة “دير الزور”، وفيها أصيب في ذراعه، وأجرى له التنظيم عملية جراحية. كما أدلى “حسن” في اعترافاته بأمور كثيرة تخصّ تنظيم داعش، وكيفية انضمام المقاتلين إليه، وكيف تُدار الأمور داخله، مؤكدًا أن التنظيم كان يتعامل باعتباره دولة بها العديد من المؤسسات، تدار كل مؤسسةٍ بصورة سرية لا تعرفها المؤسسات الأخرى
وأشار إلى أن الأفراد الذين أتَوْا إلى التنظيم من جميع أنحاء العالم، كانوا قد تأثّروا بالمقاطع المصوَّرة والمرئية، التي يبثها التنظيم على مواقع الإنترنت، مؤكدًا أن العمليات الانتحارية يتم إسنادها إلى الأشخاص المقتنعين جيدًا بفكر التنظيم، وأن الأفراد الذين يتدربون على القيام بمثل هذه العمليات، يقيمون في منازل سرية لا يعرف عناوينها أحد، وأن الهجمات الإرهابية التي تُنفَذّ في أوروبا، يعرفها قادة الاستخبارات في التنظيم فقط. وهنا نرى أن تنظيم داعش، كان يقوم بتدريب أفراده تدريبًا عسكريًّا وكأنهم مُجَنَّدون في معسكر لأحد الجيوش، إذ يقوم بتدريبهم على الطاعة وتنفيذ الأوامر وعدم الارتباط بمكان معين، بل ينقلهم من مكان إلى آخر ربما دون مبرر أو بمعنى أَدَقّ: دون أن يذكر لهم المبرر، وذلك حتى يُرَبّيَ فيهم التعود على التنقل والترحال بين معسكراتهم المختلفة، وعدم الارتباط العاطفي بمكان معين مثلهم مثل العسكريين، وحتى لا يشعروا بحزن مِن ترْك المكان الذي كانوا قد اعتادوا عليه، بخلاف الوظائف المدنية التي قد يظل الشخص في محلِّ عملٍ واحد منذ التعيين وحتى التقاعد. كما نرى أيضًا؛ أن الاعترافات التي أدلى بها “حسن محمد” ـــ والتي من المؤكد أنها إجابات على أسئلة وُجِّهت إليه أثناء التحقيقات ـــ عبارة عن حديثٍ جُلُّه عن الماضي: ماذا فعل التنظيم؟ وكيف انضم إليه؟ وما هى العمليات التي شارَك فيها؟ وليس فيها أيّ سؤال يمكن من خلاله التنبّؤ بما يمكن أن يحدث في مستقبل التنظيمات الإرهابية. وهذا طبيعي في التحقيقات في الجرائم؛ لأن المُتهم سيعاقَب على ما اقترفه من جُرْمٍ قام به، لكن في الوقت ذاته فإن الإرهاب والتطرف أصبحَا ظاهرة عالمية لها مراكز بحثية متخصصة، تعمل على مدار الساعة من أجل صياغة بعض المفاهيم، والقيام ببعض الأبحاث التي قد تُوضّح عقلية المتطرفين وأسباب انتهاجهم للتطرف؛ لتستخرجَ في النهاية قواعد عامة يمكن تطبيقيها على أرض الواقع في المجتمعات كافة، ومن ثَمّ تتمكّن حينها من وضع علاج أكثر فاعلية لأسباب التطرف.
لذلك يجب الاستفادة من وجود أشخاص لا يزالون على قَيد الحياة مثل: “حسن محمد”، والحديث معهم ومناقشتهم من قِبَل متخصصين في مجال التطرف، ليتمَّ التعرُّف على أفكارهم عن قُرْب، ونقاط ضعفهم التي جعلتهم فريسة سهلة للتنظيمات المتطرفة، واستنتاج ما قد تقوم به هذه الجماعات المتطرفة في المستقبل. كما نرى ضرورة عرضهم على أخصائيين نفسيين؛ حتى نتعرّف على الحالة النفسية لمن يتمّ استقطابهم من قِبَل الجماعات المتطرفة، ومن ثَمّ رسْم خارطة طريق ووضع روشتة علاج لهذا الداء العُضال، وحماية الشباب وتحذيرهم من الوقوع في براثنه.