خواطر27

وصية أمٍّ أوصت أمّ ابتها فقالت : أي بنية إن الوصية لو تركت لفضل أدب تركت لذلك منك؛ ولكنها تذكرة للغافل، ومعونة للعاقل. ولو أن امرأة استغنت عن الزوج لغني […]

وصية أمٍّ أوصت أمّ ابتها فقالت :
أي بنية إن الوصية لو تركت لفضل أدب تركت لذلك منك؛ ولكنها تذكرة للغافل، ومعونة للعاقل. ولو أن امرأة استغنت عن الزوج لغني أبويها وشدة حاجتهما إليها كنت أغنى الناس عنه، ولكن النساء للرجال خلقن، ولهن خلق الرجال. أي بنية، إنك فارقت الجو الذي منه خرجت وخلفت العش الذي فيه درجت، إلى وكر لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه، فأصبح بملكه عليك رقيباً ومليكاً. فكوني له أمة يكن لك عبداً وشيكاً. يا بنية، احملي عني عشر خصال تكن لك ذكراً، أما الأولى والثانية والثالثة والرابعة فلا تقع عيناه منك على قبيح، ولا يشم أنفه منك إلا أطيب ريح، واعلمي أن الماء أطيب الطيب المفقود، وأن الكحل أحسن الحسن الوجود، وأما الخامسة والسادسة فالتعهد لوقت طعامه، والهدوء عند منامه، فإن حرارة الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مغضبة، وأما السابعة والثامنة فاحتفاظك بماله، فإنه من حسن التقدير، ورعايتك على الحشم والعيال، فإنها من حسن التدبير، وأما التاسعة والعاشرة فألا تفشي له سراً، ولا تعصي له أمراً، فإنك إن أفشيت سره لم تأمني غدره، وإن عصيت أمره أو غرت صدره، واتقي الفرح لديه إذا كان ترحاً، والاكتئاب عنده إذا كان فرحاً، واعلمي أنك لن تصلي إلى مرادك منه حتى تؤثري رضاه على رضاك، وهواه على هواك، والله يخير له، ويصنع برحمته لك.

أ.سويفي فتحي