تجربة جـــــامعة القـــــــاهرة في
تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها بمعهد الدراسات التربوية
د/ إيمان أحمد محمد هريدي
أستاذ المناهج وطرق التدريس المساعد بالمعهد
مقدمة :
تهدف هذه الورقة إلى عرض تجربة معهد الدراسات التربوية بجامعة القاهرة في مجال تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، من خلال محورين:
الأول: إعداد معلم متخصص في تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها.
الثاني: تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها في ضوء معايير الكفاءة اللغوية.
المحور الأول: إعداد معلم متخصص في تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها.
الحاجة إلى هذا المعلم:
أصبح تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها مطلبا ملحا في معظم دول العالم؛ لما يشهده المجتمع العالمي اليوم من تطورات علمية، وسياسية، واقتصادية واجتماعية، وثقافية. فقد أقرت كثير من الدول (غير الناطقة بالعربية) اللغة العربية واحدة من اللغات الأجنبية التي ينبغي دراستها في مدارسها وجامعاتها، ومن ثم أصبح المجال في حاجة ماسة لمعلم متخصص في تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها. ولتحقيق هذه الحاجة حملت جامعة القاهرة على عاتقها إعداد هذا المعلم؛ من خلال معهد الدراسات التربوية، وهو معهد للدراسات العليا متخصص في إعداد المعلم بصفة عامة، وفي إعداد معلم اللغة العربية لغير الناطقين بها بصفة خاصة. وتطلب هذا الإعداد اعتماد الدرجات الآكاديمية التالية:
(أ) الدبلوم العامة في التربية، تخصص إعداد معلم اللغة العربية لغير الناطقين بها.
(ب) الدبلوم الخاصة في التربية تخصص إعداد معلم اللغة العربية لغير الناطقين بها.
(ج) درجة الماجيستر في التربية تخصص تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها.
(د) درجة دكتور الفلسفة في التربية تخصص تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها
ماذا نحتاج لإعداد معلم متخصص في تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها؟
نحتاج لإعداد معلم اللغة العربية لغير الناطقين بها أن يقام الدبلوم في ضوء الكفايات اللازمة للمعلم، وأهمها كفايات لغوية وتربوية وثقافية. وفي ضوء ذلك تم الالتزام بعدة ـمور، أهمها:
- تحديد أهم كفايات معلم اللغة العربية لغير الناطقين بها وأهم حاجاته.
- تصميم مقررات دراسية لكل درجة آكاديمية.
- تحديد شروط الالتحاق بالدبلوم.
- تحديد فريق من أعضاء هيئة التدريس متخصص في تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها(1).
- تحديد أماكن ومؤسسات التدريب العملي للطالب.
أهم المخرجات:
(1) تم توصيف المقررات الدراسية اللازمة لتدريس الدرجات العلمية في ضوء كفايات المعلم وحاجاته. وتمثلت المقررات التي يدرسها الطالب في ما يلي:
جدول (1) المقررات الدراسية في الدبلوم العامة تخصص إعداد معلم اللغة العربية لغير الناطقين بها.
م | المقرر | عدد الساعات/ أسبوعيا | ملاحظات | |
نظريا | عمليا | |||
1) | مناهج تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها | 3 | ||
2) | طرق تدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها | 3 | 1 | |
3) | تدريس الثقافة العربية | 3 | 1 | |
4) | علم اللغة التقابلي وتحليل الأخطاء | 2 | 1 | |
5) | التحليل اللغوي | 2 | _ | |
6) | تقانات تربوية | 1 | 1 | |
7) | أصول التربية | 2 | _ | |
8) | علم النفس التربوي | 2 | 1 | |
9) | تقويم تربوي | 2 | ||
10) | قراءات باللغة الأجنبية(1) | 2 | ||
11) | تربية عملية | _ | 4 |
جدول (2) المقررات الدراسية الإجبارية في الدبلوم الخاصة تخصص إعداد معلم اللغة العربية لغير الناطقين بها.
م | المقرر | عدد الساعات/ أسبوعيا | ملاحظات | |
نظريا | عمليا | |||
1) | تصميم المناهج وإعداد المواد التعليمية | 2 | ||
2) | مفاهيم علم اللغة الحديث | 2 | ||
3) | التقويم اللغوي | 2 | ||
4) | علم اللغة النفسي والاجتماعي | 2 | ||
5) | قراءات باللغة الأجنبية(2) | 2 | ||
6) | مناهج البحث و الإحصاء | 2 | ||
7) | قضايا ومشكلات في تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها | 2 |
(2) تم تخريخ ما يزيد عن (240) معلم للغة العربية لغير الناطقين بها( سفير للغة العربية) ، منذ العام الجامعي 2005_ 2006 م
جدول (3) أعداد الطلاب الحاصلين على الدبلوم العامة في التربية تخصص إعداد معلم اللغة العربية لغير الناطقين بها
م | الدفعة | العدد | ملاحظات |
1) | 2005_ 2006 | 30 | يقبل الطالب بعد اجتياز امتحانات في :
? اللغة العربية تحريريا ? اللغة العربية شفويا ? إجادة اللغة الإنجليزية ? إجادة مهارات استخدام الحاسوب |
2) | 2006_ 2007 | 42 | |
3) | 2007_ 2008 | 36 | |
4) | 2008_ 2009 | 19 | |
5) | 2009_ 2010 | 31 | |
6) | 2010_ 2011 | 42 | |
7) | 2011_ 2012 | 29 | |
8) | 2012_ 2013 | 17 | |
المجموع | 246 |
(3) تم منح درجة الماجيستير في التربية تخصص مناهج وطرق تدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها لعدد (3) طلاب، وذلك في 2011_ 2012
أهم التحديات وكيفية المواجهة:
واجه إعداد معلم اللغة العربية لغير الناطقين بها عدة تحديات ، أهمها:
r ضعف المستوى اللغوي لخريجي الكليات المتخصصة في اللغة العربية! وترتب على ذلك نقص عدد الطلاب المستوفين شروط الالتحاق بالدبلوم. ويتم معالجة ذلك بتكثيف الواجبات والتدريبات العملية والتطبيقات اللغوية داخل المحاضرات، خاصة في بعض المقررات، مثل: علم التحليل اللغوي، وعلم اللغة التقابلي وتحليل الأخطاء، وتدريس الثقافة العربية الإسلامية، وفي التدريس المصغر.
r أدى ندرة المؤسسات المتخصصة في تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها إلى مشكلة تطبيق التربية العملية لمعلم المجال، مما دفع المعهد إلى تطبيق نظام التدريس المصغر، وعقد ورش العمل في الفصل الدراسي الأول، ثم التعاون مع بعض المؤسسات الحكومية والمؤسسات الخاصة(2) لتطبيق التربية العملية في الفصل الدراسي الثاني، وذلك حتى عام 2009_ 2010م (بداية برنامج تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها في المعهد) حيث أصبحت التربية العملية تطبق داخل المعهد من خلال مركز الخدمات التربوية الذي يشرف على برنامج تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها بالتعاون مع وزارة التعليم العالي ).
r قلة عدد الطلاب الأجانب الوافدين ( بسبب التغيرات السياسية في مصر)؛ ولمواجهة ذلك تم إعداد نظام تعليم اللغة العربية عبر الفصول الافتراضية Virtual Classroom
المحور الثاني: تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها في ضوء معايير الكفاءة اللغوية.
تتزايد الرغبة في تعليم اللـغة الـعربـيـة وتعلمها في جميع أنحاء العالم؛ لما لهذه اللغة من خصائص تميزها عن غيرها؛ ولما لها من حضارة ذات جذور عريقة تحفظ لها مقومات البقاء؛ ولما فرضه مجتمع المعرفة من حتمية التفاعل الثقافي بين دول العالم وبين أبناء الدول الناطقة بالعربية. وتلبية لهذه الرغبة تم تصميم برنامج لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها في ضوء معايير الكفاءة اللغوية في مركز الخدمات التربوية بجامعة القاهرة 2008_ 2009م ، وتم تطبيقه بالتعاون مع وزارة التعليم العالي، من خلال قطاع الشؤن الثقافية والبعثات( المركز التعليمي للغة العربية للطلاب الوافدين) .
ماذا نحتاج لبداية برنامج تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها ؟
لكي تُطبق مثل هذه البرامج وفق معايير لغوية وتربوية وثقافية صحيحة ينبغي توافر العديد من العناصر، وتكامل عدة مقومات، وتضافر العديد من المؤسسات؛ فهذه البرامج بمثابة الصناعات الثقيلة في مجال نشر الثقافات، وبناء الحضارات، وتدعيم التفاعل الثقافي بين الدول، بل وإذابة حواجز الاختلافات والصراعات بين بعض البلدان.
ومن المسلمات العلمية في مجال تعليم اللغات الأجنبية وتعلمها أنه من أفضل الطرائق لاكتساب اللغة الأجنبية وتعلمها أن تعلم من قبل متخصصي أبنائها، وبين أهلها، وعلى أرضها، وفي سياق ثقافتها. وعمل المعهد بجامعة القاهرة على تحقيق هذه الأفضلية بإعداد برنامج لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، يقوم بالتدريس فيه المتخصصون وفق أحدث الأساليب التربوية والنظريات اللغوية المعاصرة (يُختار للتدريس أوائل خريجي دبلوم معلم اللغة العربية لغير الناطقين بها وفق شروط محددة) . لذا يمكن إيجاز أهم متطلبات تطبيق برنامج تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها ما يلي:
4 معلم معد لغويا وتربويا وثقافيا.
4 منهج لغوي/ ثقافي متكامل .
4 بيئة لغوية تعليمية/ تعلمية: نظام مؤسسي لغوي تربوي.
الأهــداف :
تمثلت أهداف هذا البرنامج في :
(1) تنمية مهارات التواصل باللغة العربية لدى المتعلم الأجنبي بكفاءة ، من خلال:
? تنمية مهارات الاستماع باللغة العربية .
? تنمية مهارات التحدث باللغة العربية.
? تنمية مهارات القراءة باللغة العربية .
? تنمية مهارات الكتابة باللغة العربية .
(2) تبصرة الطالب بالثقافة العربية، وثقافة الأقطار التي تتحدث هذه اللغة وحضارتها.
(3) تنشيط التفاعل بين الثقافات المختلفة، وتقليل الفجوات بينها.
(4) تقديم خدمات تعليمية وأنشطة ثقافية للطلاب الأجانب.
(5) تقديم الاستشارات الآكاديمية والتعليمية للطلاب الأجانب.
اللغة المستهدفة:
إن اللغة التي يُستهدف تعليمها في هذا البرنامج هي العربية الفصيحة المعاصرة. ويقصد بها اللغة العربية الصحيحة التي تستخدم رسميا في البلاد الناطقة بالعربية، التي تكتب بها الصحف اليومية والكتب والتقارير والخطابات وتلقى بها الأحاديث فى أجهزة الإعلام، ويتحدث بها المسئولون فى لقاءاتهم العامة، والخطباء فى خطبهم. وغير ذلك من مواقف تستخدم فيها العربية الفصحيه لغة للفهم والإفهام.
4 المســتويات اللغوية ومعايير الكفاءة:
إن الغرض النهائي لبرامج تعليم اللغات الأجنبية وتعلمها إيصال المتعلم إلى مستوى الكفاءة في اللغة الأجنبية التي يتعلمها، وتنمية الوعي الثقافي لديه من خلال الوصول إلى مستوى الكفاءة اللغويةlanguage proficiency التي تعكس مدى إجادة المتعلم الأجنبي للمهارات اللغوية بوجه عام. ومن ثم يتطلب الوصول إلى هذا المستوى من اللغة العبور بعدة مستويات. بحيث يعطي كل مستوى للكفاءة اللغوية proficiency level مؤشرا عن مدى تمكن المتعلم من اللغة العربية في كل مرحلة.
وقد أشارت العديد من الدراسات إلى أن مراحل هذه المستويات تصف ثلاثة مستويات متدرجة، يمكن تلخيصها فيما يلي:
(أ) الاستخدام الأولي للغة :
A 1 A 2
(ب) الاستخدام الذاتي للغة:
B1 B2
(ج) الاستخدام المتقن للغة : Proficiency
C1 C2
المواد التعليمية :
يقدم هذا البرنامج مواد تعليمية لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، وفقا لمعايير الكفاءة اللغوية المناسبة لكل مستوى، بموجب معايير هذا المستوى، وتوصيف دقيق لكل معيار، تحت إشراف أعضاء هيئة التدريس المتخصصين.
طرائق التدريس:
ينفذ هذا البرنامج من خلال أساليب التدريس الحديثة في تعليم اللغات الأجنبية وتعلمها، بما يراعي الفروق الفردية بين الطلاب، وكذلك اختلاف جنسياتهم، وبالتالي اختلاف لغاتهم وثقافتهم.
التقويم:
يتم تقويم الطلاب الأجانب من خلال:
(1) اختبار تحديد المستوى ( وفق معايير الكفاءة اللغوية) لتسكين الطلاب الأجانب وفقا لمستوياتهم اللغوية. اختبارات الإجادة (الكفاءة) Proficiency tests.
(2) اختبار في نهاية كل مستوى يوضح مدى تحقيق الطالب لأهداف المستوى ومدى تنمية مهاراته: (استماع، تحدث، قراءة، كتابة)، ولا ينقل الطالب إلى المستوى الأعلى إلا بعد أن يجتاز الامتحان المحدد له، ويحقق النجاح في مهارات اللغة
(3) يمنح(20%) من الدرجة على الحضور بانتظام، والمشاركة بفعالية في الفصول مع الأستاذ والزملاء . وحضور (80%) من المحاضرات.
(4) يخصص (20%) على أداء الواجبات والمهمات التعليمية المطلوبة من الطلاب.
أهم التحديات وكيفية المواجهة:
واجه برنامج تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها عدة تحديات، أهمها:
4 ندرة وجود مناهج متخصصة في تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، وفق أسس لغوية ثقافية تربوية معاصرة، وللتغلب على ذلك يقوم المركز بإعداد المواد التعليمية المناسبة لكل مستوى وفق معايير الكفاءة اللغوية المعدة مسبقا.
4 ندرة وجود اختبارات مقننة لتحديد المستوى في اللغة العربية بوصفها لغة أجنبية في ضوء معايير الكفاءة اللغوية. وللتغلب على ذلك تم تصميم اختبارات للكفاءة اللغوية في ضوء المعايير المعدة ، وجاري عملية تقنينها الآن.
4 تعدد الجنسيات في الفصل الواحد_ عدد الطلاب داخل الفصل لا يتجاوز(20) _ وقد يتواجد أكثر من (10) جنسيات في الفصل الواحد. وللتغلب على ذلك يتم تنويع طرائق التدريس والاستراتيجيات التعليمية/ التعلمية المطبقة، وتكثيف الرحلات الثقافية، وورش العمل التي تركز على تفهم الآخر وقبوله بكل ما يحمل من ثقافة.
4 بالرغم من التزام المركز بأن يكون معلم البرنامج من أوائل خريجي الدبلومات إلا أن قلة الخبرة الميدانية للبعض قد تؤدي إلى عدم تحقيق أهداف البرنامج على الوجه الأكمل. وللتغلب على ذلك يحرص المركز على عقد سيمنارات علمية أسبوعية، ودورات للتنمية المهنية في المجال، وورش عمل للمعلمين. فليس الهدف التعامل مع معلم على درجة عالية من الكفاءة فحسب، بل الهدف تأهيل معلم باحث سفير للغة العربية .
4 انتشار بعض المراكز غير المتخصصة في المجال يؤدي إلى تشتت الطالب الأجنبي الوافد _ مع قلة خبرته، ورغبته الشديدة في تعلم العربية_ ومن ثم يلتحق بالبرنامج بما لديه من مهارات غير صحيحة ومغلوطة في اللغة العربية؛ وبالتالي يعمل على إعاقة تحقيق أهداف البرنامج، هذا بالإضافة إلى تخلفه عن مواعيد البرنامج المحددة . وللتغلب على هذا يحاول المعهد عقد الاتفاقيات وتوقيع برتوكولات التعاون الثقافي بين الجهات والمؤسسات المتخصصة؛ حماية للغة العربية، ودعما لكل مؤسسة علمية جادة في تعليم العربية ونشر ثقافتها( مثال: الاتفاقية بين وزارة التعليم العالي ممثلة في قطاع الشؤن الثقافية والبعثات وبين جامعة القاهرة ممثلة في معهد الدراسات التربوية)
إن اللغة التي لها القدرة أن تظل لغة حية باقية آلاف السنين … من المؤكد امتلاكها خصائص ومقومات الاستمرار للمستقبل. وبيان اللسان العربي من أهم هذه المقومات .إن تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها واجب قومي على كل متخصص؛ لما له من تأثير عميق في نشر الثقافة العربية بصورة صحيحة تتناسب وعراقتها، ولما له من قدرة على فتح أبواب الحوار مع الآخر، بل وتفهم تفكيره؛ مما يدفع حركة التواصل معه في شتى مناحي الحياة. فاللغة العربية لغة المستقبل.