الأساليب البلاغية اللازمة لطلاب المستوى المتقدم من الناطقين بغير العربية. الواقع والمأمول
يقدمها
البراء صفوان عبد الغني
معيد بكلية اللغة العربية – جامعة الأزهر بالقاهرة
ومدرس بمركز الأزهر لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها
الحمد لله رب العالمين القائل في محكم التنزيل : ” أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ” ([1]) والصلاة والسلام على خير ناطق بالضاد خير من نطق فأفصح وأبان فأوضح محمد – صلى الله عليه وسلم – وعلى آله وصحبه ومن سار على دربه واهتدى بهديه.
وبعد؛
فإذا كانت اللغة العربية مهمة بالنسبة للعرب؛ لأنها لغتهم، ومكون أساسي من مكونات الهوية والقومية العربية، فإن المسلمين يهتمون باللغة العربية؛ لأنها لغة الدين الإسلامي، والطريق لفهم القرآن الكريم فهي دائمة بدوامه محفوظة بحفظه، والقرآن محفوظ بحفظ الله – تعالي – يقول سبحانه ” إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ” ([2]).
وحفظة القرآن من أبناء المسلمين الناطقين بغير العربية كثر بل إن أكثرهم يحفظ القرآن كاملا لكنه لا يستطيع التحدث بالعربية.
ونخلص من هذا إلى أن اللغة العربية هويتها إسلامية وليست عربية فقط ! وإذا كان عدد المتحدثين بالعربية من أبنائها يربو على ثلاثمائة مليون فإن قرابة مليار مسلم حري أن يتحدثوا بها، ويفهموا أساليبها، ويتذوقوا أدبها.
ولقد أصاب أستاذنا الدكتور / محمد حماسة عبد اللطيف – متعه الله بالصحة والعافية – كبد الحقيقة حينما قال :” أنا لا أقول: إن اللغة العربية الفصحى هي لغة العرب لا بل هي لغة الإسلام حيثما كان “([3] )
والبلاغة جزء لا يتجزأ من عملية تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، بل هي عنصر أصيل وفاعل فيها أيا كانت أهداف العملية التعليمية تلك سواء أكانت أهدافا تأهيلية للدراسة المتخصصة في علوم القرآن واللغة في الجامعة أم دينية أم اقتصادية أم سياسية، فالبلاغة لها مكانة متميزة بين فنون اللغة العربية التي تمثل وحدة مترابطة خاصة في فهم الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، وتذوق النصوص الأدبية.
ومن هنا تكمن أهمية تدريس الأساليب البلاغية في العملية التعليمية للناطقين بغير العربية.
وتهدف هذه الورقة إلى بيان أهمية البلاغة العربية في تنمية الذوق لدى الدارسين من الناطقين بغير العربية، كما تهدف إلى تناول موضوعات البلاغة العربية في كتب تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، وتحليل واقعها، وبيان ما لهذا الواقع وما عليه بغية الوصول إلى رؤية معيارية تضم الموضوعات البلاغية اللازم تدريسها في المستوى المتقدم للناطقين بغير العربية.
وتعالج هذه الورقة المحاور التالية:
– أهمية تعلم البلاغة في تربية الذوق لدى الدارسين من الناطقين بغير العربية.
– الواقع البلاغي في كتب تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها.
– رؤية مستقبلية للموضوعات البلاغية التي تدرس في كتب تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها. نتائج ومقترحات.
أما المنهج الذي اتبعته في هذه الورقة فهو منهج البحث الوصفي التحليلي الذي يهتم بوصف الظاهرة ويحللها بغية الخروج بنتائج موضوعية تسهم في حلها وعلاجها؛ حيث قمت بمسح شامل لكتب تدريس اللغة العربية للناطقين بغيرها في المستوى المتقدم لأتبين من خلاله الموضوعات البلاغية اللازم تدريسها لطلاب هذا المستوى، ومدى فاعليتها مع الدارسين، ثم تحليل هذه الموضوعات تحليلا يظهر واقع البلاغة في تلك الكتب، وما لهذا الواقع البلاغي وما عليه، ثم عرض رؤية مقترحة من خلال استبانة آراء مجموعة من الخبراء والمتخصصين في مجال تدريس اللغة العربية للناطقين بغيرها لعلها تسهم في تذليل صعوبات ومشكلات تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها.
وفيما يلي بيان محاور هذه الورقة.
المحور الأول :
أهمية تعلم البلاغة في تربية الذوق لدى الدارسين من الناطقين بغير العربية:
البلاغة في اللغة: الوصول والانتهاء؛ يقال فلان بلغ مراده إذا وصل إليه، وبلغ الراكب المدينة إذا انتهى إليها، وبلاغة الكلام: مطابقته لمقتضى حال المخاطاب مع فصاحة ألفاظه “مفردها ومركبها”([4]).
فبالبلاغة نصل إلى مرادنا من أقرب الطرق، وأيسر السبل، فخير الكلام ما قل ودل، ولله در الجاحظ فقد قال : ” أحسن الكلام ما كان قليله يغنيك عن كثيره، ومعناه في ظاهر لفظه.. فإذا كان المعنى شريفاً واللفظ بليغاً، وكان صحيح الطبع، بعيداً عن الاستكراه، ومنزها عن الاختلال، مصوناً عن التكلف، صنع في القلوب صنيعَ الغيث في التُربة الكريمة، ومتى فصلت (أُرْسِلَتْ )الكلمة على هذه الشريطة ونفذت من قائلها على هذه الصفة، أصحبها الله من التوفيق، ومنحها من التأييد، ما لا يمتنع معه من تعظيمها في صدور الجبابرة، ولا يذهل عن فهمها معه عقول الجهلة ” ([5]).
إن دراسة البلاغة كعلم جمالي؛ تهدف إلى غرضين أساسيين :
الأول: أخروي ديني : وهو تأكيد استمرار الإيمان بقضية الإعجاز البلاغي في القرآن، والإبداع الجمالي في السنة الشريفة.
الثاني : دنيوي تعليمي : وهو تعليم الناشئة قوانين البلاغة وقواعد البراعة، وصولا إلى الأساليب الجيدة التي تجد قبولا في نفوس السامعين أو القارئين؛ لأن البلاغة توقفنا على أحوال المخاطبين وصفاتهم، وخصوصيات المتكلمين وكيفياتهم، تحقيقا للمطابقة بين كلام المتكلم ومقام المخاطب([6]).
فللبلاغة ﺃﻫﻤﻴﺔ كبيرة يكتسبها ﺍﻟطلاب بدراستهم ﻟﻬﺎ، ويمكن بيان هذه الأهمية في النقاط التالية:
1. البلاغة تمكن الطلاب من تعرف أسرار الإعجاز البلاغي في الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة؛ مما يسهم في تقوية الجانب الإيماني لديهم ويصقل قدراتهم اللغوية والبلاغية.
ولهذا فإن الأستاذ الدكتور / عبدالغفار حامد هلال ([7]) يضع أسسا للداخل إلى حرم القرآن الكريم ويوجب عليه أن يتسلح في مجال اللغة العربية بما يلي :
– معرفة مفردات اللغة العربية ؛ وذلك ليعد الزاد الذي يؤهله لاختيار المعاني المناسبة للنص القرآني في بيئاتها، وسياقها القرآني المستخدمة فيه.
– معرفة الحقيقة والمجاز في دلالات الألفاظ، وما يمكن الإفادة منها، والقرآن الكريم يلجأ إلى بيان الحقائق، وقد يحتاج الأمر إلى بيان يؤثر في النفس فيستخدم وسائل البلاغة المتنوعة ونقل اللفظ من معناه إلى غيره.
– الإحاطه بأصول القواعد اللغوية العامة والخاصة؛ ليستعين بها الدارس الإسلامي في فهم تراكيب القرآن الكريم، وتعدد الوجوه في كلماته وعباراته.
– القراءة الواسعة في كتب اللغة والأدب بالاطلاع على أساليب الكتاب والشعراء.
– العلم بطرائق نطق الأصوات العربية، وإخراجها من مخارجها الصحيحة.
2. من أهميه البلاغة – أيضا – أنها ﺘُﻌَﻠِّﻡ ﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻷﺩﺏ ﻭالآﺩﺍﺀ ﺍﻟﺭﻓﻴﻊ، ﻭﺘﺴﻬﻡ ﻓﻰ ﺘﻜﻭﻴﻥ ﺍﻟﺫﻭﻕ ﺍﻷﺩﺒﻰ ﻭﺘﻨﻤﻴﺘﻪ لدى الطلاب.
3. ﻜﻤﺎ ﺃﻨﻬﺎ ﺘﺒﺼﺭالطلاب ﺒﺎﻟﺼﻔﺎﺕ ﺍﻟﺘﻰ تضفي جمالا ورفعة على ﺍﻟﻨﺹ ﺍﻷﺩﺒﻰ.
4. كذلك ﺘﻤﻜﻥ ﺍﻟﻁﻼﺏ ﻤﻥ ﻓﻬﻡ ﻭﺍﺴﺘﻴﻌﺎﺏ ﺍﻟﻤﻌﺎﻨﻰ ﻭﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﺘﻰ ﺘﺸﺘﻤل ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻷﻋﻤﺎل ﺍﻷﺩﺒﻴﺔ.
5. ﺘﻨﻤﻰ ﻗﺩﺭﺓ ﺍﻟطلاب ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﻋﻥ ﺃﻓﻜﺎﺭﻫﻡ ﻭﺨﻭﺍﻁﺭﻫﻡ ﺒﺄﺴﻠﻭﺏ ﺃﺩﺒﻰ ﺭﻓﻴﻊ.
6. ﺘﻜﺴﺏ ﺍﻟطلاب ﺍﻟﻘﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﻤﺤﺎﻜﺎﺓ ﺍﻷﺴﺎﻟﻴﺏ ﺍﻟﺒﻼﻏﻴﺔ ﻭﺇﻨﺸﺎﺀ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﺒﻠﻴﻎ.
7. ﺘﺴﻫﻡ ﻓﻰ ﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﻤﻴﻭل ﺍﻟﻘﺭﺍﺌﻴﺔ ﻭﺇﺜﺎﺭﺓ ﺩﺍﻓﻌﻴﺔ ﺍﻟطلاب، ﻟﺘﻌﻠﻡ اللغة ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻭﺘﺫﻭﻗﻬﺎ ﻭﺍﻻﻋﺘﺯﺍﺯ ﺒﻬﺎ؛ ولهذا نضمن الموضوعات القرائية الممهدة لدراسة البلاغة الطرائف والملح، والنصوص الأدبية؛ لتهيئة الطالب لدراسة الموضوعات البلاغية.
ﻭﻴﺘﻀﺢ ﻤﻥ ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﻟﻠﺒﻼﻏﺔ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﻜﺒرى ﻓﻰ ﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺠﺎﻨﺏ التذوقي ﺍﻟﻭﺠﺩﺍﻨﻰ لدى العربي على وجه العموم، وللناطق بلغة أخرى على وجه الخصوص، حتى إننا لنجد أثر هذه الدراسات البلاغية واضحا ومسطرا في الواقع العملي، فعلى سبيل المثال في كلية اللغة العربية بالقاهرة كان للطلاب الناطقين بغير العربية الذين واصلوا الدراسات العليا ثم التخصص والعالمية دور عظيم في الكشف عن بلاغة القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة بل إن لهم جهودا عظيمة في تحقيق التراث البلاغي. ([8])
المحور الثاني :
الواقع البلاغي في كتب تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها
عمد الباحث إلى تحليل سبعة كتب من الكتب التي اهتمت بتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها بقصد تحديد الموضوعات البلاغية المتضمنة في هذه الكتب بالمستوى المتقدم، واعتمد الباحث مصادره التي تم تحليلها من كتب تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها مما درسَّه ووقع تحت يديه وهي :
– القراءة العربية للمسلمين.
– العربية بين يديك.
– العربية للناشئين.
– الكتاب الأساسي في تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها ( المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم )
– تعليم العربية للناطقين بغيرها ( الكتاب الأساسي – معهد جامعة أم القرى).
– سلسلة تعليم اللغة العربية ( معهد جامعة الإمام محمد بن سعود ).
– الكتاب في تعليم العربية ( الجامعة الأمريكية ).
المعيار التحليلي:
والمعيار الذي سيتم في ضوئه تحليل الموضوعات البلاغية بكتب تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها
( عينة البحث المحددة سلفا ) هو ما اتفقت عليه كلمة مجموعة من الخبراء والمتخصصين في مجال تدريس اللغة العربية للناطقين بغيرها من موضوعات من خلال استبانة آرائهم.
وقد أسفر تحليل الكتب – موضع الدراسة – عن النتائج التالية :
- أن خمسة وثلاثين موضوعا هي التي حصلت على الترتيب الأول بنسبة 28,57% وهذه الموضوعات هي :
– الفصاحة
– الخبر
– أغراض الخبر
– أضرب الخبر
– القصر وطرقه وبلاغته
– التقديم والتأخير
– أنواع الإنشاء
– الإنشاء الطلبي
– الأمر
– النهي
– الاستفهام
– النداء
– التمني
– الإيجاز
– الإطناب وأنواعه
– المساواة
– التقديم والتأخير
– التشبيه وأقسامه
– التشبيه المجمل
– التشبيه المفصل
– التشبيه المؤكد
– التشبيه المرسل
– التشبيه البليغ
– الحقيقة والمجاز
– الاستعارة
– الفرق بين الاستعارة والتشبيه
– أقسام الاستعارة
– التصريحية
– المكنية
– المجاز المرسل وعلاقاته
– الكناية وأقسامها
– الطباق
– المقابلة
– الجناس
– السجع
- أن ( ثلاثة عشر موضوعا ) من الموضوعات هي التي حصلت على الترتيب الثاني بنسبة 14,28%، وهذه الموضوعات هي :
– التشبيه المركب
– أحوال المسند إليه
– أحوال المسند
– التورية
– حسن التعليل
– تأكيد المدح بما يشبه الذم
– تأكيد الذم بما يشبه المدح
– الفصل والوصل ومواضعهما
– السرقات الأدبية
– الجديد والقديم
– العمق والضحالة
– الطبع والصنعة
– الترابط والتفكك
- أن خمسة كتب من عينة البحث المراد تحليلها منها لم تتناول الموضوعات البلاغية تماما، فمع أنها عرضت لكثير من النصوص القرائية ذات الصبغة الأدبية إلا أنها لم تتناول ولو درسا بلاغيا واحدا بالنظرية والتطبيق وهذه الكتب هي :
– القراءة العربية للمسلمين.
– العربية بين يديك.
– العربية للناشئين.
– الكتاب الأساسي في تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها (المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم)
– الكتاب في تعليم العربية ( الجامعة الأمريكية )
وعلى الجانب الآخر نجد الكتابين الآخرين – من عينة البحث – قد تناولا كثيرا من الموضوعات البلاغية تنظيرا وتطبيقا ، وهذان الكتابان هما :
– تعليم العربية للناطقين بغيرها ( الكتاب الأساسي – جامعة أم القرى)
– سلسلة تعليم اللغة العربية ( جامعة الإمام محمد بن سعود )
- بمسح هذه الكتب السبعة تبين أن خمسة كتب منها لم تتناول الأساليب البلاغية تنظيرا وتطبيقا. فهل السبب أنها وضعت لأغراض خاصة ؟ فمنها ما وضع للقراءة كالقراءة العربية للمسلمين، ومنها ما وضع للناشئة كالعربية للناشئين ، ومنها ما وضع بالعامية إلى جانب الفصـحى ككتاب ( الجامعة الأمريكية الكتاب ) ؟ ولعل هذا كان سببا في أن هذه الكتب لم تتناول الأساليب البلاغية تنظيرا وتطبيقا.
- أن الكتب الثلاثة سالفة الذكر ربما وُجِد لها سبب في تركها الأساليب البلاغية تنظيرا وتطبيقا، لكننا نجد كتابين آخرين تجاهلا الأساليب البلاغية مع أن الأول منها وضع لتذليل العربية للناطقين بغيرها وجعلها بين أيديهم وهو كتاب العربية بين يديك – كما يظهر من مسماه، والآخر – وهو الكتاب الأساسي ( المنظمة)- على ما به من نصوص أدبية رائقة ورائعة إلا أنه لم يتناول الأساليب البلاغية تنظيرا وتطبيقا فما السبب؟ هذا ما يمكن أن يطرحه الملتقى في توصياته وتوجيهاته.
- أن كتابين فقط من عينة البحث تناولا الأساليب البلاغية تنظيرا وتطبيقا وهما :
– تعليم العربية للناطقين بغيرها ( الكتاب الأساسي – جامعة أم القرى).
– سلسلة تعليم اللغة العربية ( جامعة الإمام محمد بن سعود ).
فهما يؤهلان للدراسة في الجامعة دراسة علوم القرآن، وعلوم اللغة، والسؤال الذي يطرح نفسه الآن :
هل تناول هذان الكتابان الأساليب البلاغية تنظيرا وتطبيقا؛ لأجل التأهيل للجامعة أم ليتذوقها الدارس ويحب اللغة من خلالها ؟، وهل يمكننا القول بأن الكتب الخمسة الأخرى التي لم تتناول البلاغة تنظيرا وتطبيقا؛ لأن لها برامجَ خاصة ولا تؤهل للجامعة ؟ وهل نصل من كل هذا إلى القول بأن البلاغة لها قيمتها فتدرس إذا كانت تؤهل للجامعة ؟ و أنها لا قيمة لها في البرامج الخاصة لأنها ليس منوطا بها التأهيل للجامعة ؟ وهل يمكن لدارس اللغة العربية من الناطقين بغيرها أن يستغنى عن الأساليب البلاغية في دراسته للغة العربية أيا كان السبب؟ هذه وغيرها من الأسئلة يمكن أن تصاغ في صورة مقترحات وتوجيهات تعرض في توصيات الملتقى.
- إن هذا المسح والإحصاء للكتب السبعة والذي تبين من خلاله أن خمسة كتب لم تتناول الأساليب البلاغية تنظيرا وتطبيقا في حين أن كتابين فقط هما اللذان تناولا الأساليب البلاغية تنظيرا وتطبيقا؛ لهذا أرى القسمة التي عقدت في الجدول السابق غير عادلة ولا بد من تحليل كتابي :
– تعليم العربية للناطقين بغيرها ( الكتاب الأساسي – جامعة أم القرى).
– سلسلة تعليم اللغة العربية ( جامعة الإمام محمد بن سعود ).
اللذين تناولا الأساليب البلاغية تنظيرا وتطبيقا حتى نصل إلى نتائج حقيقية تخدم المجال في المستقبل .
وبعد تحليل الكتابين المشار إليهما آنفا توصلت إلى النتائج التالية :
1- أن الموضوعات البلاغية الواردة في الكتابين معا بنسبة 100% هي خمسة وثلاثون موضوعا وهذا ما أيدته آراء مجموعة من الخبراء والمتخصصين في المجال من خلال الاستبانة التي قمت بها، وسأعرض نتيجتها في الرؤية والمقترح ( المحور الثالث)؛ لذا فإن الباحث يرى أهمية تضمين كتاب اللغة العربية للناطقين بغيرها بالمستوى المتقدم هذه الموضوعات وهي :
– الفصاحة
– الخبر
– أغراض الخبر
– أضرب الخبر
– القصر وطرقه وبلاغته
– التقديم والتأخير
– أنواع الإنشاء
– الإنشاء الطلبي
– الأمر
– النهي
– الاستفهام
– النداء
– التمني
– الإيجاز
– الإطناب وأنواعه
– المساواة
– التقديم والتأخير
– التشبيه وأقسامه
– التشبيه المجمل
– التشبيه المفصل
– التشبيه المؤكد
– التشبيه المرسل
– التشبيه البليغ
– الحقيقة والمجاز
– الاستعارة
– الفرق بين الاستعارة والتشبيه
– أقسام الاستعارة
– التصريحية
– المكنية
– المجاز المرسل وعلاقاته
– الكناية وأقسامها
– الطباق
– المقابلة
– الجناس
– السجع
2- أن ثلاثة عشر موضوعا جاءت في الترتيب الثاني بنسبة 50 % انفرد منها كتاب أم القرى بموضوع واحد وهو التشبيه المركب فجاءت نتيجته بالإيجاب، بينما جاءت نتيجة اثني عشر موضوعا بالسلب والتي تعد إيجابية في كتاب الإمام ، وهذه الموضوعات هي :
– أحوال المسند إليه
– أحوال المسند
– التورية
– حسن التعليل
– تأكيد المدح بما يشبه الذم
– تأكيد الذم بما يشبه المدح
– الفصل والوصل ومواضعهما
– السرقات الأدبية
– الجديد والقديم
– العمق والضحالة
– الطبع والصنعة
– الترابط والتفكك
3- يلاحظ أن في الموضوعات التي انفرد بها كتاب الإمام عن كتاب أم القرى خمسَ موضوعات حقها أن تدرس في الأدب، وإن كانت بعض كتب البلاغة([9] )القديمة جعلتها ملحقة بعلم البديع ناهيك عن التداخل بين البلاغة والأدب، لكن في رأيي أنها تدرس في باب الأدب فهي لصيقة به، وهذه الموضوعات الخمسة هي :
– السرقات الأدبية
– الجديد والقديم
– العمق والضحالة
– الطبع والصنعة
– الترابط والتفكك
المحور الثالث :
رؤية مستقبلية للموضوعات البلاغية اللازم تدريسها في كتب تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها. نتائج ومقترحات.
ويتجلى هذا في عنصرين :
الأول : علاقة هذا المحور بسابقه
لقد رأينا واقع البلاغة العربية في كتب تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها بالمستوى المتقدم من خلال الوصف والتحليل لعينة من الكتب، وبيان ما لهذا الواقع وما عليه كما في المحور السابق.
و لتعضيد الدراسة التحليلية السابقة، وتقديم رؤية معيارية فقد قمت بعمل استبانة لآراء مجموعة من الخبراء والمتخصصين في الميدان حول موضوع البحث لتكون معيارا في تحليل الواقع البلاغي في عينة البحث، ومنطلقا لرؤية مستقبلية في تطوير مضمون الموضوعات البلاغية للناطقين بغيرالعربية.
الثاني : نتائج ومقترحات
بعد بيان أهمية البلاغة في تدريس اللغة العربية للناطقين بغيرها، وبعد تحليل الواقع البلاغي في تلك الكتب، وبعد تحليل نتائج الاستبانة التي قام بها الباحث انتهى الباحث إلى النتائج والمقترحات التالية:
1- أن البلاغة جزء أصيل لا يتجزأ من عملية تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها.
2- أن البلاغة تمكن الطلاب من معرفة أسرار الإعجاز البلاغي في الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، وتقوية الجانب الإيماني لديهم.
3- أن الكتب الآتية؛ مع أنها أكثرت من المحتويات الأدبية في تدريسها إلا أنها لم تتناول الموضوعات البلاغية تنظيرا وتطبيقا، وهذه الكتب هي :
– القراءة العربية للمسلمين.
– العربية بين يديك.
– العربية للناشئين.
– الكتاب الأساسي في تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها (المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم)
– الكتاب في تعليم العربية ( الجامعة الأمريكية )
4- أن كتابين فقط – من عينة البحث – قد تناولا كثيرا من الموضوعات البلاغية تنظيرا وتطبيقا وهذان الكتابان هما :
– تعليم العربية للناطقين بغيرها ( الكتاب الأساسي – جامعة أم القرى).
– سلسلة تعليم اللغة العربية ( جامعة الإمام محمد بن سعود ).
5- بعد تحليل محتوى الكتب ، وبتطبيق استبانةٍ لآراء الخبراء والمتخصصين في المجال وجدت أن هناك موضوعات متفقا عليها من خلال الاستبانة، وتؤيد نتيجة التحليل المتفق عليها بنسبة 100% لذا فإن الباحث يرى أن الموضوعات تلزم دراستها في المستوى المتقدم ، وهذه الموضوعات هي :
– الفصاحة
– الخبر
– أغراض الخبر
– أضرب الخبر
– القصر وطرقه وبلاغته
– التقديم والتأخير
– أنواع الإنشاء
– الإنشاء الطلبي
– الأمر
– النهي
– الاستفهام
– النداء
– التمني
– الإيجاز
– الإطناب وأنواعه
– المساواة
– التقديم والتأخير
– التشبيه وأقسامه
– التشبيه المجمل
– التشبيه المفصل
– التشبيه المؤكد
– التشبيه المرسل
– التشبيه البليغ
– الحقيقة والمجاز
– الاستعارة
– الفرق بين الاستعارة والتشبيه
– أقسام الاستعارة
– التصريحية
– المكنية
– المجاز المرسل وعلاقاته
– الكناية وأقسامها
– الطباق
– المقابلة
– الجناس
– السجع
6- أن هناك موضوعات كشف التحليل أن نتيجتها 50% إلا أن الاستبانة نبهت على الأهمية القصوى لدراستها في المستوى المتقدم؛ حيث جاءت نتيجتها من 80% إلى 95%؛ لذا فإن الباحث يرى أن الموضوعات التالية تلزم دراستها في المستوى المتقدم ، وهذه الموضوعات هي :
– أحوال المسند إليه
– أحوال المسند
– التورية
– حسن التعليل
– تأكيد المدح بما يشبه الذم
– تأكيد الذم بما يشبه المدح
– الفصل والوصل ومواضعهما
7- أن هناك موضوعات كشف التحليل أن نتيجتها 50% إلا أن الباحث يرى أنها بمجال الأدب ألصق وهو بها أحرى؛ لذا يرى الباحث أن هذه الموضوعات لا تدرس في مجال البلاغة – وإن جاز أن تدرس في مجال آخر غير هذا – وهذه الموضوعات هي
– السرقات الأدبية
– الجديد والقديم
– العمق والضحالة
– الطبع والصنعة
– الترابط والتفكك
8- أن هناك موضوعات أغفلها الواقع البلاغي في كتب تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها إلا أن الاستبانة نبهت على أهميتها؛ إذ بلغت نسبتها من 60 % إلى 70%؛ لذا يوصي الباحث بأن تضمن هذه الموضوعات بكتب تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها وذلك؛
– لأهميتها في فهم مراد الله – تعالى – في كتابه.
– ولأنه يترتب عليها أحكام فقهية يدرسها الطالب بعدها في الجامعة.
وهذه الموضوعات هي :
– الاستعارة التمثيلية
– خروج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر
– الالتفات
– براعة الاستهلال
– التعبير عن المستقبل بلفظ الماضي
9- يوصي الباحث بدراسة عن: بناء برنامج لموضوعات البلاغة العربية للناطقين بغيرها يحدد من خلاله استراتيجية بناء ومعاجة تلك الموضوعات.
10- يوصي الباحث بدراسة عن بناء برنامج يعالج صعوبات تعلم البلاغة للناطقين بغير العربية . ويمكن أن يتفرع هذا الموضوع إلى موضوعات أخرى لكل منها برنامج برنامج لصعوبات تتعلق بالمحتوى ، وأخرى بالمدرس ، وثالثة بالطالب.
والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل
أهم المصادر والمراجع
– تعليم العربية للناطقين بغيرها ( الكتاب الأساسي – جامعة أم القرى)الطبعة الثالثة، 1429هـ، 2008م.
– سلسلة تعليم اللغة العربية ( جامعة الإمام محمد بن سعود ) الطبعة الثانية، 1425هـ، 2004م.
– القراءة العربية للمسلمين، د- محمود إسماعيل صيني وآخرون، مكتبة لبنان، الطبعة الأولى 1991م.
– الكتاب في تعليم العربية، عباس التونسي وآخرون، الطبعة الثانية.
– الكتاب الأساسي، السعيد محمد بدوي وآخرون تونس 1407هـ – 1987م.
– العربية للناشئين محمود إسماعيل صيني- ناصف مصطفى ، مختار الطاهر حسين.
– العربية بين يديك. نسخة إلكترونية موافقة للمطبوع(pdf).
– لسان العرب لابن منظور.
– بغية الإيضاح، عبدالمتعال الصعيدي، مكتبة الآداب 1999م.
– المنار في علوم البلاغة 2004 عبدالحكيم حسن نعناع ، دار الحمد للطبع والنشر.
– من أعلام اللغة العربية – طاهر خان آيدن.
– البيان والتبيين، تحقيق وشرح عبدالسلام هارون، الخانجي، الطبعة الثانية 1380هـ، 1960م.
– البلاغة ذوق ومنهج،د- عبدالحميد العبيسي، مطبعة حسان ش: الجيش القاهرة، ط الأولى1984، 1985م
– الموسم الثقافي – المحاضرة الرابعة – كلية اللغة العربية بالقاهرة 2011، 2012م
– ندوة عن كلية اللغة العربية بالقاهرة وثمانون عاما في خدمة اللغة العربية وحمايتها2012م.
. البلاغة ذوق ومنهج،د- عبدالحميد العبيسي، مطبعة حسان ش: الجيش القاهرة، ط الأولى1984، 1985م، الورقة د [6]
[8]. . كلية اللغة العربية بالقاهرة وثمانون عاما في خدمة اللغة العربية وحمايتها 2012م، تحت عنوان : أربعون عاما من عطاء الوافدين إلى الكلية للبلاغة العربية ، صـ18